فى
القرأن تسجيل دقيق ومفصل لما حدث يوم غزوة خيبر وإخراج اليهود منها ، وكان ذلك بعد
ما جرى فى معركة الخندق حينما اجتمعت الاحزاب من كل القبائل لتحارب محمدا عليه
الصلاة والسلام وتقضى علية وتقتلع الاسلام من جذوره ، وكان المسلمون قد تخندقوا
وراحوا ينتظرون مشورة نبيهم
ونعرف
ما جرى من أمر الريح العاصفة التى اقتلعت
خيام الكفار وكفأت قدورهم وشتت جمعهم واعادتهم الى ديارهم مذعورين .. وكيف انكشف
التحالف المستتر الذى كان بينهم وبين يهود بنى قريظة ويهود خيبر لحصار المسلمين
حصار إبادة .
وكان
طبيعيا ان تتجه جيوش المسلمين المحاصرة وراء الخندق بعد انسحاب جموع الكفار .. إلى
رأس الفتنة .. إلى يهود خيبر الذين خططوا بمهارة وجمعوا كل قبائل الجزيزة لتكون
معركة إبادة تنهى شأن المسلمين بلا رجعة .
يقول
ربنا فى إيجاز بليغ يصف ما جرى على يهود خيبر
"
هو الذى اخرج الذين كفروا من اهل الكتاب (وهم اليهود) من ديارهم لاول الحشر"
(وهو بذلك ينسب هذا الطرد والتشريد والاخراج لنفسه هو ربنا الذى اخرج الذين كفروا
من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر)
واللغز
فى هاتين الكلمتين .. أول الحشر .. ان هذا الإخراج لن يكون إخراجا ابديا وانما هو
اخراج لاول الحشر .. حشر ماذا .. وحشر من ؟!!
ثم هو
يسمى السورة كلها باسم سورة الحشر زيادة فى لفت النظر .. ما هو ذلك الحشر إذن ..
والاجابة تجدها فى سورة اخرى هى سورة الاسراء
الآية 104 .
الآية 104 .
"
وقلنا من بعده (بعد هلاك فرعون وغرقه) لبنى اسرائيل اسكنوا الارض (أى اتخذوا من
الارض كلها وطنا لكم واستقروا فيها اشتاتا حيثما طاب لكم المقام) فإذا جاء وعد الآخرة
جئنا بكم لفيفا " .. والمعنى واضح انه إذا جاء وعد الآخرة فان الله سوف يجىء
باليهود من كل أطراف الارض ويجمعهم ويحشرهم فى وطنهم الموعود فلسطين من جديد ..
وأن ذلك إذن هو أو الحشر .
ومعنى
هذا .. ان كل عمليات التهجير .. وأرتال اليهود الذين جاءوا الى إسرائيل ومعهم
متاعهم واموالهم .. كل هذا كان مشيئة إلهية .. وتدبيرا إلهيا ..
الله هو
الذى طردهم وشتتهم وهو الذى اعادهم وحشرهم فى فلسطين
بارادته ..
بارادته ..
وهو
يسمى هذا الحشر " أول الحشر " ويسمى الميقات الذى يكتمل فيه ذلك الحشر
.. بانه وعد الاخرة .. والوعد بالشىء يأتى قبل الشىء ويكون علامة على قرب حدوث ذلك
الشىء .. والمعنى خطير .. أى ان حشر اليهود فى إسرائيل حينما يتم ويكتمل سيكون
إيذانا بنهاية الدنيا فحشرهم إذن هو أول الحشر الاعظم الذى لن يحدث الا بانتهاء
الدنيا ، وقيام الساعة وبعث الناس من قبورهم .. ذلك إذن وعد الآخرة .. والآية
تستعمل نفس اللفظ .. " وعد الآخرة "
وتسمية
السورة كلها " سورة الحشر" هى لفت نظر لهذا الحشر الاصغر الذى سيكون
إيذانا بالحشر الأكبر .
والتداعى
بين الحشر الاصغر فى اسرائيل والحشر الاكبر بعد فناء الدنيا وقيام الناس من القبور
.. هو تداع له مفهوم واحد .. أن ذلك الحشر الاصغر فى إسرائيل حينما يكتمل سوف
يرتبط بمواجهة عسكرية كبرى وعدوان وحرب مدمرة مفنية تكون نهايتها دمار العالم .
وسورة
الإسراء تذكر هذه الحرب فى إيجاز شديد تحكى ما حدث وما سوف يحدث من مواجهات بين
المسلمين واليهود .. يقول ربنا
"
وقضينا إلى بنى إسرائيل فى الكتاب لتفسدن فى الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا فاذا
جاء وعد اولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولى بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان
وعدا مفعولا (وتلك إشارة لما حدث أيام خيبر) ثم رددنا لكم الكرة عليهم وامددناكم
بأموال وبنين وجعلناكم اكثر تفيرا (وذاك حال اليهود اليوم وقد علا نفيرهم وكثرت
أموالهم وتعاظم نفوزهم) إن احسنتم احسنتم لانفسكم (ولن يحسنوا فهم يزدادون صلفا
وغرورا كل يوم) وإن أسأتم فلها .. (وهم يسيئون بالفعل كل يوم وكل لحظة) فإذا جاء
وعد الآخرة (ويستعمل ربنا نفس اللفظ "وعد الأخرة " وهى تعنى هنا معنيين
فهى إستئناف لكلمة فإذا جاء وعد أولاهما)
فى بداية الأية .. يقول فإذا جاء وعد الآخرة .. والسياق يمكن أن يفوت المعنى
الثانى الاخطر "للأخرة" .. لولا انها جاءت بنفس اللفظ فى اخر سورة
الاسراء الآية 104 كما ذكرنا .
"
فإذا جاء وعد الاخرة جئنا بكم لفيفا " (أى جمعناكم من شتات الارض وحشرناكم فى
فلسطين) دون أى سياق " لأولى " هذه المرة .. والأخرة إذن هى الآخرة ..
والدليل يأتى فى هذا السطر الغامض فى سورة الحشر الذى يقول فيه القرآن عن رب
العالمين
"
هو الذى اخرج الذين كفروا من اهل الكتاب (وهم اليهود) من ديارهم
(خيبر وبنى قريظة وبنى النضير الخ) لأول الحشر .
(خيبر وبنى قريظة وبنى النضير الخ) لأول الحشر .
ولكلمة
" أول الحشر " .. مع مفهوم " الأخرة " بأنها الحشر الاعظم ..
وتسمية السورة بأنها سورة الحشر .. كل هذا للفت النظر ولفت الانتباه .. بأن الكلام
عن أولى واخرة (وكلمة الاولى تأتى فى القرآن فى اكثر من مناسبة بمعنى الدنيا)
وماذا
تقول ايات سورة الإسراء عن الكرة الاخيرة بين المسلمين واليهود .. وماذا سوف يحدث
لليهود وقد علا نفيرهم وتضاعفت أموالهم وقويت شوكتهم ..
تقول
الآيات :
"إن
احسنتم احسنتم لانفسكم وإن اسأتم فلها فاذا جاء وعد الأخرة ليسوءا وجوهكم وليدخلوا
المسجد كما دخلوه أول مرة (ايام عمر بن الخطاب) وليتبروا ما علوا تتبيرا (أى
يدمروا ما علوا تدميرا).
والمعنى
أن المسلمين سوف يدخلون القدس ويدمرون كل ما بنى اليهود وكل ما عمروا فيها ..
إنها
إذن المعركة القاصمة التى لن يرتفع بعدها لليهود شأن " وأن عدتم عدنا"
.. (ان عدتم إلى طغيانكم عدنا تدميركم)
إنها
النهاية ..والضربة القاصمة التى لانجاة بعدها .. وكلمة
" وإن عدتم عدنا " معناها انه لا أمل .. ولكن استعمال الفاظ الاولى .. والأخرة .. " واول الحشر كلها اشارات الى دمار هائل وفناء وشيك " وهرمجدون بالمعنى القرآنى .. وهو الدمار الشامل الكامل لدولة إسرائيل .. ودخول المسلمين منتصرين فى القدس وتدميرهم لكل ما بنى اليهود وما عمروا
" وإن عدتم عدنا " معناها انه لا أمل .. ولكن استعمال الفاظ الاولى .. والأخرة .. " واول الحشر كلها اشارات الى دمار هائل وفناء وشيك " وهرمجدون بالمعنى القرآنى .. وهو الدمار الشامل الكامل لدولة إسرائيل .. ودخول المسلمين منتصرين فى القدس وتدميرهم لكل ما بنى اليهود وما عمروا
وفى
ختام الآيات كلمة مواساة لليهود المهزومين " عسى ربكم ان يرحمكم
" وهى كلمة تفتح الباب لتوبة الصالحين منهم ولكنها اشبه بإسدال ستار على القصة كلها .
" وهى كلمة تفتح الباب لتوبة الصالحين منهم ولكنها اشبه بإسدال ستار على القصة كلها .
والمغزى
الذى يجب ان نخرج به نحن العرب والمسلمين ..من هذه الآيات .. ان السلام غير وارد
بين العرب واسرائيل بالمرة .. وأنما هى حرب بعد حرب وصدام محتوم .. وكلمات القرآن
صريحة لا لبس فيها
أقول
هذا للقيادات المسئولة .. حتى يكون القرار .. هو قرار التأهب والاستعداد .. وحتى يكون
الامر الاعلى .. هو "اعدوا لهم ما استطعتم من قوة "
وليس
التراخى .. وليس الغرق فى احلام مدريد وأوسلو وكوبنهاجن وهى أحلام لا شك وردية
ومريحة .. ولكنها كاذبة .
ولا أحد
يحب الحرب ولا يوجد عاقل يسعى إليها
ولكن
ماذا لو اوجبتها المشيئة .. وماذا لو اقتضاها الغدر .. وما الحل وربنا الذى خلق
الكون يقول :
"
كتب عليكم القتال وهو كره لكم " ثم يخفف عنا بعض الشىء
فيقول " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم " .
فيقول " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم " .
هو مجرد
تخفيف لوقع المصيبة .. ولكنه ليس إعفاء منها .. إنه البلاء المستمر بطول وعرض
التاريخ كله ولا مفر
الا
نموت بدون حرب .. الا يستقظ الواحد منا مشلولا ويتحول إلى شىء كريه .. حياته أسوأ
من موته ؟؟!! ألا نموت كل يوم عضو فعضو بالشيخوخة المقيته .. نعم .. إن الحرب التى
نكره ياخوانى هى احيانا إفضل من السلام الذى نحب .
نعم
إننا لا نسعى لحرب .. ولكنا يجب أن نستعد لهذه الحرب ونحيا كل لحظة وكأننا سنلقاها
كل لحظة .. ان الغدر الإسرائيلى للأسف الشديد يدعونا لهذا .. وغدرهم وافسادهم
واشعالهم للحروب حقيقة قرآنية تصل إلى درجة الإنذار.
وانتصاراتنا
الكروية لا يجب أن تنسينا واجب الانتصار فى معارك الحق .. والفوز فى اللعب لن
يساوى شيئا ساعة الجد .. والجد دائما هو الاولى بالاحتفال والاحتشاد .. وأسلحة
الدمار الشامل لم تحشدها اسرائيل على حدودنا من اجل اللعب .. ولا أظن هناك من
يعتقد أن اسرائيل جاءت الى المنطقة لتلعب معنا ماتش كورة .. مجرد ملحوظة على هامش
الكأس .
بقلم : د0 مصطفى محمود

تعليقات
إرسال تعليق